كيفية التعامل مع نوبة الصرع
لمعرفة الوسائل الأنجع التي تستطيع من خلالها مساعدة شخص
مصاب بالنوبات الصرعية، يجب في بادئ الأمر تحديد نوع النوبة إن كانت نوبة توترية
ارتجاجية سيتعين عليك اللجوء للإسعافات الأولية، باعتبارها الأكثر خطورة، حيث يفقد
المريض من خلالها وعيه بشكل كلي وبالتالي لا يشعر بشيء من الآلام المصاحبة للنوبة
التي لا تتجاوز بضع دقائق، أما إن كان المريض مصاب بنوبة جزئية بسيطة ففي هذه
الحالة ليس من الضروري إسعافه.
نظرة المجتمع اتجاه مرضى الصرع :
مريض الصرع إنسان مثلنا يفرح، يحزن، يفكر، يشعر ويتواصل
مع الآخرين، وهذا المرض لا يجعله يصنف ضمن الأشرار أو الذين يتصرفون بعدوانية مع
المحيط الخارجي، وإن كانت بعض السلوكيات التي تصدر منهم في حالة النوبة الصرعية،
فما هي إلا ردود فعل وشكل تعبيري للحالات النفسية الداخلية للمريض التي تنتج عن
طريق تقييمه لذاته باعتماده على عنصرين أساسين ألا وهما:
العنصر الأول:
يتمثل في معرفة المصاب وفهمه ومدى تقبله لمرض
الصرع.
العنصر الثاني:
يتضح في إدراك المريض لردود أفعال المجتمع اتجاه
مرضى الصرع التي تتميز بالدونية، الشيء الذي يؤثر سلبا على التركيبة النفسية للشخص
المصاب.
إن النظرة المجتمية اتجاه مرضى الصرع يكون لها أثر بالغ
وضرر كبير في نفوس المصابين، خاصة الذين يعانون من المرض منذ الصغر، حيث يضطرون
للتعايش مع ردود الأفعال السيئة للمجتمع التي تجعلهم يشعرون بوصمة عار ترافقهم
طيلة حياتهم الدراسية و المهنية، و حتى إن أرادو إخفاء مرضهم ليبقى سرا عن العالم
الخارجي فهم لا يستطيعون ذلك، نظرا لأن النوبات الصرعية قد تصيبهم في أي مكان و زمان، كما أن بعض فئات المجتمع في
اعتقادهم أن سبب مرض الصرع راجع للمس الجني، الشيء الذي يؤدي بهم للحذر و الإبتعاد
عن الأشخاص المصابين لأنهم غير طبيعيين مقارنة مع باقي البشر، ومع الأسف هذه
الأفكار المغلوطة منتشرة بكثرة بين أوساط الأسر أو العائلات التي يعاني أحد
أفرادها من المرض.
الاسعافات الاولية للتعامل مع النوبات الصرعية:
هذه بعض الإجراءات التي يجب العمل بها في حالة
النوبة التوترية الإرتجاجية نذكر منها:
- التحلي بالهدوء كخطوة إيجابية للتعامل الجيد مع مرضى
الصرع وعدم إنعاش المريض من النوبة الصرعية.
- ترك المريض على الأرض في وضعية مريحة ومسترخية.
- الإمتناع عن وضع أي شيء في فم الشخص المصاب لأن حالته
الصحية قد تجعله يعض أي شيء بما في ذلك لسانه.
- وضع وسادة تحت رأس المصاب مع إبعاد كل الأشياء التي من
المحتمل أن تتسبب في أذيته كالمواد الساخنة و الحادة.
- مساعدة المريض لتفريغ لعابه ليتنفس بسهولة وذلك بجعله ينام على أحد
الجوانب.
- عدم إيقاظ المصاب أثناء النوبة وتجنب إعطائه أدوية
كيفما كانت.
- استعادة المصاب لوعيه بعد النوبة الصرعية يلزم الشخص
المرافق له بأن يحاوره حتى يشعر بتحسن ثم يخلد للنوم بعد ذلك لأخذ قسط من الراحة.
- اللجوء إلى الطبيب في حال تجاوزت النوبة الصرعية خمس
دقائق، لأنها قد تهدد حياة المصاب وتسبب له في اضطرابات على مستوى التنفس وضغظ
الدم.
- تسجيل حالة المريض و المدة الزمنية التي استغرقتها
النوبة الصرعية تسهل عمل الطبيب المعالج.
كيفية إسعاف مع مريض الصرع حسب الأماكن:
للتعامل مع مريض الصرع بشكل سليم حسب الأماكن التي
يتواجد بها يجب الإلتزام بالخطوات التالية:
في البيت:
معاملة الشخص المصروع بشكل طبيعي كبقية أفراد
الأسرة من حيث الواجبات و الحقوق، كما يجب على الآباء ألا يعاملوه معاملة خاصة
يشملها التدليل أو التسامح المفرطين، كي تتكون شخصيته بشكل طبيعي عند الكبر، هذا
بالإضافة إلى أنه من الضروري زرع عامل الثقة لدى الشخص المصاب، لكي لا يخجل من
الإعتراف بمرضه أمام زملائه وأصدقائه، كذلك من المؤكد أنه يجب على الأهل عدم
المبالغة في حماية المريض، لأن هذه العملية قد تؤثر على حريته الشخصية و سلامته
العقلية.
في المدرسة:
يجب إعلام إدارة المدرسة و المدرسين بالحالة المرضية
ونوع العلاج الذي يتلقاه التلميذ، حتى لايتفاجؤا في حال أصيب بالنوبة الصرعية في
المدرسة، بجانب هذا من الضروري العمل على تشجيع التلميذ للمشاركة في الأنشطة
المدرسية لكي يثق بنفسه أكثر، كما قد يصاب التلميذ أثناء الحصة المدرسية بحالة
سرحان وعدم انتباه، لذلك يجب على المدرسين
عدم لومه على ذلك، لأنها ليست سوى نوع من النوبات الصرعية التي قد تصيبه، والتي من
الواجب معرفتها من طرف الآباء ليتخذوا الإجراءات المناسبة بمساعدة المعالجة الطبية.
أثناء مزاولة الأنشطة الرياضية:
- لبس الخوذة لحماية الرأس عند ركوب الدراجة الهوائية.
- مرافقة المصاب لشخص بالغ على دراية بخطورة مرضه أثناء
ممارسة رياضة السباحة.
- الإبتعاد الكلي عن رياضة التسلق و التزحلق لأنها قد
تسبب خطرا حقيقيا على المريض في حال حدوث النوبة الصرعية وهو يزاولها.
- أخذ موافقة الطبيب المعالج عند الرغبة بقيادة السيارة
أو ركوب الدراجة النارية.
الأساليب السليمة التي يجب على المجتمع
اعتمادها لتعامل صحي مع مرضى الصرع:
للتعامل الصحي السليم اتجاه مرضى الصرع، يجب اعتماد
مايلي:
- العمل على نشر المفهوم العلمي الصحيح للمرض وذلك
بتوعية الأشخاص المطلعين بالمرض للجاهلين به، كما أن المساهمة الإعلامية في
التحسيس و التوعية بالمرض تظل محتشمة رغم المجهودات المبذولة في هذا الإطار، لكن
بالرغم من ذلك فهي تنذر بنتائج إيجابية في المستقبل لتوسيع دائرة نشر الوعي لتشمل
القطاعات التعليمية، الأنشطة الشبابية و الإجتماعية.
- ضرورة توعية أفراد المجتمع بالتعامل مع مرضى الصرع
كغيرهم من البشر في الحياة اليومية، ولن تنجح هذه العملية إلا بوجود مجموعات لدعم
المرضى، وذلك عن طريق نشر دوريات منتظمة هدفها
مخاطبة المجتمع بأساليب تأثيرية إقناعية للوصول للنتيجة المرجوة.
- ترسيخ مفاهيم جديدة كضرورة إسعاف المريض عند النوبة
الصرعية، كما يتم إسعاف المرضى الذين يصابون بنوبات قلبية في منازلهم أو أماكن
أخرى، حيث نجد في الوقت الحالي عدة أشخاص يقفون مكتوفي الأيدي أثناء مشاهدتهم
لمريض أصيب بنوبة صرعية بل الأكثر من ذلك يفضلون الإبتعاد.
خلاصة:
وهكذا نجد أن الصرع حالة عصبية تصيب الشخص من وقت لآخر،
وهذا الأخير يدرك كل الفئات العمرية دون استثناء، كما أنه يطال الحيوانات أيضا
كالكلاب، القطط، الفئران و الأرانب، فمرض الصرع كغيره من الأمراض وليس معديا ويمكن
السيطرة عليه بالعلاج المكثف والأدوية ليتم الشفاء، لذلك لا يجب النظر لمرضى الصرع
بنظرة تشاؤمية مبالغ فيها، لأن غالبية المرضى يتمتعون بذكاء غير طبيعي يخولهم
الحصول على المؤهلات العلمية العليا في المدارس أو الجامعات، ليس هذا وحسب بل
يستطيعون ممارسة الأنشطة الطبيعية اليومية كالرياضة والسفر.